سورة الجن - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجن)


        


{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وكانوا تسعة من جن نصيبين. وقيل سبعة استمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا خبرهم في سورة الأحقاف {فَقَالُوا} لما رجعوا إلى قومهم {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} قال ابن عباس: بليغًا أي: قرآنًا ذا عجب يُعجَب منه لبلاغته. {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} يدعو إلى الصواب من التوحيد والإيمان {فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} قرأ أهل الشام والكوفة غير أبي بكر عن عاصم: {وأنه تعالى} بفتح الهمزة وكذلك ما بعده إلى قوله: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ} وقرأ الآخرون بكسرهن، وفتح أبو جعفر منها {وأنه} وهو ما كان مردودا إلى الوحي وكسر ما كان حكاية عن الجن.
والاختيار كسر الكل لأنه من قول الجن لقومهم فهو معطوف على قوله: {فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا} وقالوا: {وأنه تعالى}.
ومن فتح ردَّه على قوله: {فآمنا به} وآمنا بكل ذلك؛ ففتح {أن} لوقوع الإيمان عليه.
{جَدُّ رَبِّنَا} جلال ربنا وعظمته، قاله مجاهد وعكرمة وقتادة. يقال: جَدَّ الرجلُ أي: عظم، ومنه قول أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا أي: عظم قدره.
وقال السدي: {جد ربنا} أي أمر ربنا. وقال الحسن: غنى ربنا. ومنه قيل للجد: حظ ورجل مجدود.
وقال ابن عباس: قدرة ربنا. قال الضحاك: فعله.
وقال القرظي: آلاؤه ونعماؤه على خلقه.
وقال الأخفش: علا ملك ربنا {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا} قيل: تعالى جل جلاله وعظمته عن أن يتخذ صاحبةً أو ولدًا.


{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا} جاهلنا قال مجاهد وقتادة: هو إبليس {عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} كذبًا وعدوانًا وهو وصفه بالشريك والولد. {وَأَنَّا ظَنَنَّا} حسبنا {أَنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ وَالْجِنُّ} قرأ يعقوب {تقوّل} بفتح الواو وتشديدها {عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أي: كنا نظنهم صادقين في قولهم إن لله صاحبةً وولدًا حتى سمعنا القرآن. قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} وذلك أن الرجل من العرب في الجاهلية كان إذا سافر فأمسى في أرض قفر، قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيبيت في أمن وجوار منهم حتى يصبح.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك، حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق المروزي حدثنا موسى بن سعيد بن النعمان بطرسوس، حدثنا فروة بن أبي المغراء الكندي، حدثنا القاسم بن مالك، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن أبيه، عن كردم بن أبي سائب الأنصاري قال: خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف النهار جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم، فوثب الراعي فقال يا عامر الوادي جارك فنادى منادٍ لا نراه، يقول: يا سرحان أرسله، فأتى الحمل يشتد حتى دخل الغنم ولم تصبه كدمة فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم بمكة {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} يعني زاد الإنسُ الجنَّ باستعاذتهم بقادتهم رهقًا.
قال ابن عباس: إثمًا. قال مجاهد: طغيانًا. قال مقاتل: غيًا. قال الحسن: شرًا قال إبراهيم: عظمةً وذلك أنهم كانوا يزدادون بهذا التعوذ طغيانًا يقولون: سدنا الجن والإنس، والرَّهق في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم.


{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا} يقول الله تعالى: إن الجن ظنوا {كَمَا ظَنَنْتُمْ} يا معشر الكفار من الإنس {أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} بعد موته. {وَأَنَّا} تقول الجن {لَمَسْنَا السَّمَاءَ} قال الكلبي: السماء الدنيا {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا} من الملائكة {وَشُهُبًا} من النجوم. {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا} من السماء {مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} أي: كنا نستمع {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} أرصد له ليرمى به.
قال ابن قتيبة: إن الرجم كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يكن مثل ما كان بعد مبعثه في شدة الحراسة، وكانوا يسترقون السمع في بعض الأحوال، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم منعوا من ذلك أصلا ثم قالوا:

1 | 2 | 3